أحذية التتار

 

أحذيةُ التّتار

للشاعر العراقي عبد الجبار الفياض


لم يغمسْ الحَمويّ ريشتَهُ في دواتِهِ هذا الصّباح . . . ١

تردّدَ أنْ يكتُبَ عن بلدةٍ

تزاحمتْ فيها أضدادٌ بأسماءٍ مسروقة . . .

محظورٌ على أبناءِ الحِبرِ أنْ تكتبَ عيونُهم ما ترى . . .

الخوفُ

يغلّفُ كُلَّ شيءٍ إلآ مَنْ تبعَ يدًا

تمتدُّ لنهاياتِ الممنوع . . .

تفنّنوا أنْ يزيلوا ما سجدَتْ لجلالِهِ عاتياتُ الدّهور . . .

بانَ العَظمُ

ما توقّفتْ شِفارٌ عن سَلخ . . .

بيوتٌ من دخان . . .

أرغفةٌ

يطاردُها على أطباقِ التّعساءِ

رصاصٌ مُستورد . . .

موتى

يتحدّثون على قارعةِ الطّريقِ عن ليلٍ

أخفى تحتَ ثيابِهِ سيفَ ابنِ ثقيف . . .

قطفَ لسانَ ابنِ السّكيت . . .

ذبحَ ديكَ شهرزاد . . .

توظّأَ بفضلةِ كأسهِ للصّلاة !

. . . . .

خرجتْ من رِقاقِ طينهِ البشائر . . .

حسدتْ شمسَهُ شمسُ الوجود . . .

أدخلوهُ في قُمقمٍ

طافوا حولَهَ بما تركهُ صاحبُ الأربعينَ وربعُهَ على بابِ مغارتِهم . . .

تناسلتْهم حقبٌ

توحّمتْ بلحمٍ بشريّ بعدَ عقم

فباتوا لا يُعدُّ لهم عَدَد . . .

سيماهم

تعرفُها للقبحِ عيون . . .

كُلُّ شيءٍ

ذهبَ إلى مستنقعٍ لا يرى

زُرقةَ السّماء . . .

حفنةٌ من سنين

شربتْ آلامَ كُلِّ البؤساء ِ من برومثيوس إلى جان فالجان

إلى خالدين

توزّعتْ قبورُهم على بُقعِ الأرض . . .

فكانَ زمنُ السّيرِ إلى وراء . . .

. . . . .

إيّاك عشقت

ولم أكنْ أعرفهُ إلآ في عيونِ أُمّي . . .

كنتَ مرساها سفينةَ البشر

علّمتَهم كيفَ ينسلون من مواتٍ حياة ؟

لا أريدُ أنْ أراكَ كما يريدُ سِفلةٌ

ختمَ زمنٌ بهم شذوذَ قبحِه . . .

تتجافى عن مائدةٍ واحدةٍ جهاتُكَ الأربعة . . .

مُشوّهًا ما كانَ فيكَ مهبطُ شعرٍ . . .

أقلامٌ أرضعتِ الصّحفَ ثمينَ ما كان . . .

ليالٍ احتفظَ بها الدّهرُ في عميقِ ذاكرتِه . . .

نسوا أنّكَ عمّا سلفَ عفوْت . . .

ظنّوا

أنْ صارَ طائرُ الفينيقِ رماداً . . .

لوّوا رؤوسَهم سفهاً عن بئرٍ

روتْ دلاؤهُ شديدَ العِجاف . . .

. . . . .

أنتَ مَنْ كنتُ فيكَ

أُباهي

بثراكَ الثّريا . . .

كنْ بما وِهبتَ من سموقٍ ما حييت . . .

قبلَ أنْ يسلبوا قداسةَ حروفِك

أنْ يدعو بروتس لوليمةِ طعنٍ في عُرسِ دم . . .

سآتيكَ من غيرِ عصا لنبيّ . . .

ماردٍ في مصباح . . .

عرّافٍ

أتقنَ طلاسمَ شمسِ المعارف . . . ٢

آتيكَ بالذي أرضعتنيهِ ذاتُ نخلٍ ونهر . . .

لم يعُدْ في القوسِ مَنزع . . .

هم عازمون على أنْ يمشقو محاسنَكَ سواداً . . .

وأنا عازمٌ على أنْ أطلقَ بياضَ فجرِكَ من عقالِه !

. . . . .

عبد الجبار الفياض

فبراير / 2021

١ - ياقوت الحموي صاحب كتاب معجم البلدان .

٢ - كتاب في السحر والشعوذة للبوني .

٣- ابْنُ السِّكِّيتِ. إمام من أئمة اللغة العربية وعالم نحوي وأديب شهير،

استل المتوكل لسانه في حادثة مشهورة فمات من فوره، وكان ذلك في الخامس من شهر رجب سنة 244هـ.

 

 

تعليقات

مشاركات شائعة

جماليات الجرح وتحولات الذات: دراسة ذرائعية في أعمال د. صباح عنوز الشعرية الكاملة بقلم الناقدة د. عبير خالد يحيي

بين البنية السردية والتشكّل القِيَمي: قراءة ذرائعية في رواية "مشاهد" للكاتب المصري شريف التلاوي بقلم الناقدة الدكتورة عبير خالد يحيي

الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية لديوان «رقصات الصمت تحت جنح الظلام» لـلشاعر المغربي سعيد محتال بقلم الناقدة د. عبير خالد يحيي

سرد الاغتراب والبحث عن المعنى قراءة ذرائعية في رواية ( منروفيا ) للكاتب المصري أحمد فريد مرسي بقلم الناقدة السورية د. عبير خالد يحيي

تجلّيات الأدب التأمّلي في قصيدة الومضة دراسة تقنية ذرائعية مستقطعة في المجموعة الشعرية / بارقات تومض في المرايا / للشاعر السوري منذر يحيى عيسى بقلم الناقدة الذرائعية د. عبير خالد يحيي

تجليات أدب الخيال العلمي في المجموعة القصصية / تشابك سرّي/ للقاصّة المصرية غادة سيد دراسة ذرائعية مستقطعة بقلم د. عبير خالد يحيي

المشاركات النقدية الذرائعية

كبوة الريح/دراسة نقدية ذرائعية

مؤلف عبد الرحمن الصوفي

الشعر الحر وتمثّلات الدعوة لأغراض شعرية جديدة - دراسة ذرائعية مستقطعة في قصائد للشاعر العراقي وليد جاسم الزبيدي من ديوان ( مرايا الورد) بقلم الناقدة الذرائعية السورية د. عبيرخالد يحيي

جرأة التجريب ولعبة الميتاسرد في رواية ( لو لم أعشقها) للأديب المسرجي والروائي المصري الكبير السيد حافظ - دراسة ذرائعية مستقطعة بقلم الناقدة السورية الدكتورة عبير خالد يحيي

قداسة المكان و تحليق الذّات الملتهبة

التوازي في الدلالات السردية - دراسة ذرائعية باستراتيجية الاسترجاع في رواية ( بغداد .. وقد انتصف الليل فيها) للأديبة التونسية حياة الرايس - بقلم الناقدة الذرائعية السورية د. عبير خالد يحيي

قصيدة ترميم الروح

قصيدة النثر العربية المعاصرة

أدب الغزو من منظور ذرائعي

تعبير رؤية