أدب الجريمة والرواية العربية
أدب الجريمة والرواية العربية
أدب الجريمة
بقلم الناقد الجزائري رحو شرقي
الرواية البوليسية: نوع من أنواع أدب الجريمة،
والذي يعتمد على التحري والتشويق والإثارة لمعرفة تفاصيل الحقيقة، والانتصار للذين
وقع عليهم الفعل الإجرامي من خلال تطبيق القانون.
هذا الجنس الأدبي يعتبر من أشهر وأوسع الآداب والأكثر
قراءة وانتشارًا لما تطلبه كتاباتها من تشويق وغموض والذي يجعل المتلقي لا يهدأ له
بال إلا عند معرفة نهاية القصة وكيفية الوصول إلى فك خيوط الجريمة.
يذكر أن أول من أسس الرواية البوليسية هو الكاتب (
أدغار آلان)، ومن بعده ظهر العديد من المؤلفين الذين أبدعوا بمؤلفاتهم أمثال (آرثر
كونان دويل)، مبدع الشخصية الخيالية شرلوك هولمز، والكاتبة الإنجليزية الشهيرة
(أجاثا كريستي)، وبفضلهم تطور الأدب البوليسي ليشمل أنماطًا مختلفة من الأدب
كالروايات الجاسوسية وغيرها، وفي هذا المقال سنتناول عدة محاور :
- ما هي
الأسباب في قلة الإنتاج والاحترافية في الروايات البوليسية عربيًّا وخليجيًّا؟
- لماذا
تبتعد الروايات البوليسية عن مضامين الواقع رغم وجود أحداث قد تنسج في سياق رواية
ترتبط بالمجتمع ؟
- ما هي
الأدوات المثالية لصناعة روايات بوليسية تجمع الخيال المقنن والاحترافية الواجبة
لنرى إنتاجًا يرضي المتلقي ؟
- هل
الخوف من منع الروايات من النشر والترويج لها أو ملل القراء من الإنتاج المتوافر
في روايات عالمية وراء عزوف الروائيين العرب عن إنتاج الروايات البوليسية ؟
للإجابة على هذه المحاور، لابد من إلقاء نظرة تاريخية
في تراثنا لوجود بذور هذا الجنس الأدبي من خلال وجود خصائص ومكونات السرد الحكائي
لأدب الجريمة.
لغة واصطلاحًا :
_ شَرَط
: اسم
- الجمع
: أَشراط
- الشَّرَطُ
: العلامة
- أشْرَاطُ
النَّاسِ : أَشْرافُهُمْ، فُضَلاؤُهُمْ أَوْ أَوباشُهُمْ
- الشُرطة
لغة: الخير؛ لأن شرطة كل شيء خياره، وقيل أشراط الشئ أوائله ،منه أشراط الساعة،
وقيل: الأشراط: الأشراف (لسان العرب) .
سمّيت "الشرطة" بهذا الاسم لتميزهم عن عامة
الناس بوضع شريط من القماش على اليد فوق ثوب رجل الأمن .
- اصطلاحًا:
مجموعة من نخبة السلطان وجنده، أسندت لهم مهام المحافظة على الأمن وعدم وقوع
الجرائم، ملاحقة الجناة والقبض عليهم من خلال التحريات.
حسب درايتي البسيطة من خلال دراسة الرواية البوليسية
سنجد ضعف الرواية العربية عامة يكمن في قوة نظيرتها أي الرواية البوليسية الغربية
في مخرجات النادي الذي عاد نشاطه بعد الحرب العالمية الثانية من خلال وضع مجموعة
القواعد المنظمة وبمثابة الخط أو السلم الذي يحتويه السرد في الفعل الإبداعي لهذا
الجنس الأدبي .
- من بين
الأسباب المُعيقة لفعل الإنتاج والاحترافية في الروايات البوليسية عربيًّا كما يلي:
-1 عدم إشراك المتلقي في الفعل
الإبداعي والنظر له كركن من أركان الإبداع بدل تجاهله في الكتابة البوليسية.
-2 النمطية التي تظهر في هذا الجنس وعدم كسرها من خلال
أفكار جديدة لا يستطيع المتلقي الوصول إليها أو توقعها وقتل النص بغية الابتعاد عن
الملل والحفاظ على التشويق والجري لاكتشاف الحقيقة في مرافقة المحقق حتى النهاية.
-3التصور النمطي في المخيال العربي، حيث أنه يرى أن البوليس هو حارس للأنظمة وليس الشعوب.
-4 مشكل مرافقة النقد وعدم قدرته على احتواء وتبني الفعل الإبداعي في الرواية البوليسية وغيرها من الأجناس كما تقول :
د. مريم أغريس " قرروا أن يكتبوا روايات بوليسية،
وبالفعل كتبوا هذا النوع لبعض الوقت، ولكن مشروعهم انكسر على صخرة الاستهجان
القوية، لأن معظم النقاد ينظرون إلى هذا النوع من الروايات على أنه أدب لا يتميز
بالثقل والاحترام، بل على العكس من ذلك هو أدب خفيف أو تافه لا طائل منه."
- إن
الأدوات المثالية لصناعة روايات بوليسية تجمع الخيال المقنن والاحترافية الواجبة
لنرى إنتاجًا يرضي المتلقي، لابد الرجوع إلى عدة أعمال ناجحة ودراستها دراسة
عميقة، بالرغم من كل هذه المعيقات والتعثرات في الأدب البوليسي بعالمنا العربي لم
يمنع ظهور بعض الأعمال الرائدة والمتفردة والتي ترجمت إلى أفلام ومسلسلات حققت
نجاحًا فريدًا كروايات صالح مرسي والتي اقتبس منها المخرج يحيى العلمي مسلسله
(رأفت الهجان) بأجزائه الثلاثة.
والأفلام السينمائية للمخرج والمؤلف والممثل الجزائري الحاج عبد الرحمان في شخصية المحقق (المفتش الطاهر) الذي حاول المخرج تجاوز عدة عقبات بطريقة ذكية، مما ذكرته سالفًا في قالب كوميدي مكين والتي راقت كثيرًا للمشاهد العربي عامة والجزائري خاصة؛ أشهر هذه الأفلام عطلة المفتش الطاهر لموسى حداد (1972)...
وختاما لهذه اللفتة البسيطة، يلزم الرواية البوليسية ما
يلي :
- أن يحتويها الناقد الحصيف
والمتخصص.
- تنظيم مسابقات خاصة في أدب
القصة والرواية البوليسية لتشجيعها.
- الخروج
من الرتابة والتحقيقات الجاهزة والمملة من خلال تقارير ومراسلات إدارية وقضائية
لترجمتها إلى رواية بوليسية.
- تعدي المتعة والتسلية في الفعل
الإبداعي والانطباع الإيجابي الذي يخلق التراكمات لظهور الفعل الثقافي الجماعي في
المجتمع العربي.
النهاية
بقلم رحو شرقي – معسكر / الجزائر
تعليقات
إرسال تعليق