بنية الشخصية في رواية " بين حياتين" للدكتورة / عبير يحيى
بنية الشخصية في رواية "بين حياتين"
للدكتورة/ عبير يحيى
بقلم الأديبة المصرية أمينة الزغبي
تتميز الرواية كشكل أدبي، بأنها قصة طويلة وكبيرة تتشابك
فيها الأحداث، وتتقاطع الأمكنة والازمنة، وتتلاقى الشخصيات، بل وتتصادم، إلا أن
مسارها واضح ومتسق في مراحله، والرواية إما أن تكون واقعية اقتبسها الكاتب من
الواقع، أو خيالية من مخيلة الكاتب.
أما عن الرواية التي نحن بصددها الآن، قد جمعت بين
الاثنين بما يمكن أن نطلق عليه" الواقعية السحرية"، فقد جمعت فيها الكاتبة
بين واقع حقيقي عايشته بطلة الرواية "غالية" وبين عالم "
عصام" الذي كانت تراه غالية فقط متجسدا في خيالها، والذي كان يقوم بدعمها
ويرشدها لما يجب أن تفعله، بل ويدعمها أيضا كلما ضيق عليها الواقع خناقه.
وإذا تحدثنا عن الشخصيات في رواية" بين
حياتين" للأديبة عبير يحي، سوف نجد أن هناك الشخصية الرئيسية، والتي يدور
حولها محور الرواية، وهي
" الدكتورة غالية" بطلة الرواية، وسنجد أيضا
الشخصيات الثانوية والتي انقسمت هنا إلى قسمين:
1 ــ شخصيات مُعينة.
2 ــ شخصيات مُعيقة.
منها ما هو ثابت، ومنها ما هو نام ومتطور مع تطور السرد.
أما عن الشخصيات المعينة في هذه الرواية وما أكثرهم مثل:
أم غالية ــ جدتها ــ أختها سما ــ أخيها ــ والدها ــ
ابنتها ــ عصام ــ أستاذ الأدب الكبير.
هذه الشخصيات منها من كان تأثيره لا يذكر في نمو أو تطور
السرد، ومنها من كان له الأثر الكبير الواضح في دفع أحداث الرواية إلى الأمام مثل:
الجدة، الابنة، شخصية عصام، وشخصية أستاذ الأدب الكبير كما سنري بعد ذلك.
أما الشخصيات المعيقة في هذه الرواية، فقد تمثلت في:
الزوج" مصطفي"ــ والدته ــ زوجته الثانية.
وبالرغم من قسوة والدة الزوج وتسلطها، إلا أن تأثيرها في
إعاقة بطلة الرواية" غالية" قل تدريجياً بسبب استقلال غالية بحياتها
بعيداً عنها وخاصة بعد انجابها لأبنتها نور، أما شخصية الزوج فقد كان لها النصيب
الأكبر في هذه الإعاقة، فبداية ظهوره هي ولادة الأزمة في الرواية، وملازمته لغالية
وترددها في الطلاق منه كي تحافظ علي الكيان الأسري لابنتها، بالرغم من معاناتها
ووصف حياتها كما جاء علي لسان الراوي العليم
بما وصفته بقبر الزواج، فهي الحي الميت أو الميت الحي، وقد تسبب هذا الشعور
في تصاعد الأزمة داخل الرواية مما دفع ببطلة الرواية بالبحث عن مخرج من هذه الحياة
المقبورة، فنشرت بعد إقناع إحدى صديقاتها لها ــ بأن أسلوبها في الكتابة شيق ــ نشرت
قصة قصيرة بعنوان( أبناء الحروب) تُجسد فيها حالة متفردة من الإبداع في وصف الوطن
الممزق في السنوات العجاف كما أطلقت عليها وهو ( سوريا) حيث أن الكاتبة سورية
الأصل، وكانت هذه القصة سبب في بداية بعث جديد لغالية، حيث قرأها قامة كبيرة في
مجال الأدب، وأعجب بها وأثني عليها برسالة نصية أرسلها إلي غالية عبر بريدها
الإلكتروني، كانت بمثابة قبلة الحياة التي بعثتها من جديد، لتعيد إليها حياة جديدة
كلها ثقة بالنفس وأمل، وقوة إرادة وتحدِ، وإصرار علي الانطلاق نحو سماء الإبداع
لتقف في الصفوف الأولي للمبدعين وتكون واحدة منهم، بعد أن اتخذت قرارها الصائب.
وبذلك يتضح لنا أن هناك بعض الشخصيات الثانوية قد يكون لها الأثر الكبير نحو انفراجه الأزمة داخل الرواية، وتصاعد الأحداث نحو النهاية، مثل شخصية الكاتب الكبير في هذه الرواية، بالرغم من ظهور هذه الشخصية في الفصل التاسع عشر، في رواية مكونة من واحد وعشرون فصل، أي قبل نهاية الرواية بقليل، فتنطلق غالية إلي حياتها الجديدة، وتضع الكاتبة بين أيدينا إبداعها المعنون باسم (بين حياتين)..
وشكرًا.. أمينة الزغبي
تعليقات
إرسال تعليق