كانت أمي
كانت أمي بقلم الأديبة السورية ريتا الحكيم كانت أمِّي كلَّما تبلَّلتْ سراويلُ الحكايا تُعلِّقُني بقرطَيها تُشمِّسُني كالزَّبيبِ في دوالي قهرِها وتوثِقُني بأساورِها حتى يجفَّ التينُ على مِعصَمَيها ثمَّ تنشرُني على حبالٍ بنكهةِ إكليلِ الجَّبل نتراشقُ الدَّمعَ ونَرشُّه توابلَ على غمامٍ لم يقتنعْ يومًا بصوابِ رؤانا ما زلتُ إلى الآن مُعلَّقةً هناك منذُ آخرِ عِناقٍ أجمعُ الزَّبيبَ والتِّينَ في سِلالِ الغِياب * كانت أمي تصنعُ كعكَ العيدِ تحشوهُ بأحبَّةٍ لها تصفُّهُ على صدرِها .. وعلى لهيبِ شوقِها تخبزُهُ ترُشُّهُ بحلاوةِ الرُّوحِ لحظة إياب وتبدأُ بفرزِهِ حسبَ أولوياتِ احتراقِها على نارِ الانتظار كنتُ الجوكر دومًا أجدُني نسخًا مكرَّرةً في كلِّ دور آه يا أمِّي .. لم أكن أعلمُ أنني أحتلُّ أنحاءَكِ كلَّها وأنني كنتُ زنجبيلًا تنثُرينَهُ على موائدِ وحدتِكِ العامِرة * كانتْ أمي تغمزُ للشّمسِ فتهوي في حضنِها حبَّاتُ الرُّمانِ والتُّوت يلتئمُ الجيرانُ حولَها ويتخاطفونَها ترشُّ على زعترِ فرحِها ضحكاتِهم كفراشِ الر...