جولة في أروقة المجموعة الشعرية ( كلمات ليلى) للشاعرة السورية ليلى أحمد
بقلم الناقدة الذرائعية د. عبير خالد يحيي
كلمات ليلى
عزف الروح على جنان الطبيعة
عندما تعزف الروح بوحها شدوًا شذيًا, لا تملك الطبيعة
حياله إلا أن تتمايل طربًا, تصبح لوحة حية نابضة, يشع بهاءُها, تتعرى مفاتنها,
بإغراء راقصة يتسابق المصورون لالتقاط الصور لها, تتهاوى أضواء كاميراتهم المبهرة
كسياط تلهب ظهر اللحظة, ويتنافس الرسامون
على رسمها, تنافسًا محمومًا للظفر
بالزوايا الفنية والتهام الوضعيات الجمالية, كلهم يتراجعون القهقرى, يجرون أذيال العجز,
فكاميراتهم, وريشهم, تعجز عن تجسيد شدو الروح على ورقة! حينها تأتي كلمات ليلى,
لتكون خير معبر لأصوات الروح, اختارت أهدأ الأصوات لتكون اللوحة الأولى في قصائدها
المرسومة بالكلمات:
خذ
قلبي
وهبني
البحر
أنظم
لك الشعر
خذ
قلبي
وارسم
لي سلمًا موسيقيًا
لعلي
أتسلق الأنغام
فأغدو
رسالة عاشق
يتناقلها
الموج
إلى
مرافئ آمنة
ثم
ما لبثت أن تعالت في انتقاء النبرة حتى أوصلتنا إلى أعلاها, فكانت لوحة مزدحمة
بصخب الروح وانفعالاتها:
كان
المكان مزدحمًا بالرحيل...
بلا
موعد
كان
قلبي مزدحمًا بك
تتالى
الموج منكسرًا
ناء
الشاطىء باللقى المسحورة
وظلال
الغيم على خد البحر
هي
شاعرة مسكونة بالطبيعة, بل هي ممسوسة بها, مغموسة فيها, مغمورة في أنفاسها كسمكة
لا تعيش إلا غارقة في بحرها, وترسل عبر عالمها البهي هذا حنينها, وأنسام ذاتها الحزينة الراقية:
يا
امرأة من حزن النايات
كوني
ندى يشاكس جبين الزهر
يوقظ
حلم الضوء
في
السبعة الألوان
يرسل
ثغاءً.. جرسًا
لتائه
مسه الحنين
فصدح
هذا
الانصهار الهائل والتام بالطبيعة, جعلها تستمد منها مادتها الشعرية, تستل قلمها من
الأشجار, وتبريه بالحجر ثم تغمسه في محبرة ألوانها لترسم فصولها, لكنها لا تشطح
ولا تتسطح في علياء البرناسية التي تدعو إلى اعتبار الأدب غاية في حد ذاته, يمتنع
عن استعماله وسيلة لعلاج القضايا الاجتماعية والسياسية, بل هي طوعتها في خدمة
القضايا التي أثارتها في شعرها, فهي ملتصقة بمجتمعها, بأوجاع أفراده وقضاياهم,
بالقدر نفسه الذي تمتزج فيه بالطبيعة:
غالبًا
ما تنام الأناشيد خارج
السور
وعندما
تصخب الموسيقا
تتفتح
الأبواب
يتراجع
الرماة
يدخل
المنفيون
تزدهر
تجارة الحلي
الكحل
حمرة
الشفاه
والأساور
البراقة
الجوارب
الشفافة
ويحلم
إسكافي بإيقاع كعب يضبط
خفقان
قلبه
الأناشيد
هي
شاعرة, تضمن قصائدها رسائل خير وحب وخلق, وتنقل الميراث الآباء الإنساني والوجداني
إلى الأبناء, شاعرة وعت رسالة الأدب, فنقلتها بأمانة وإخلاص:
طرزي
الحب بألوان الحياة
وحيكي
من خيوط الشمس
للأبناء
أثوابًا
وأثواب
ولكي
يناموا
أسمعيهم
أغاني الريح
حكايات
الجدات
أسطورة
الخلق
نبوغ
القمح
سيرة
التفاح
مغامرات
الأمهات
وتفاني
الآباء
لم
يكن الشعر_ نثرًا وتفعيلة_ كل ما حبره قلم
شاعرتنا فقط, لقد وشت ثوبها الشعري بومضات شعرية, والتماعات من خواطر, انسابت مضفية
رقة وعذوبة على لوحاتها الشعرية النابضة بحلاوة بوحها, وبهاء صورها, وأناقة
التنضيد.
#دعبيرخالديحيي مرسين _
تركيا
12/ 8/ 2021
تعليقات
إرسال تعليق