تحليل نقدي ذرائعي للقصة الموجزة المكثفة ق.م.م / دستور/ للقاص السوري محمد نوايا بقلم الناقدة الذرائعية د. عبير خالد يحيي

 

النص:

دستور

" سئمتُ من ضعفكم ومن طريقة لعبكم, سأغيّر لوني لألتحق بالفريق الرابح"

سمعهُ الملكُ فانفجر غاضبًا: أيها الجنديُّ الخائن عقابُكَ الموت, سأقتلك أمام الجميع ولتكنْ عبرةً لغيرك.

يحاول الوزير سريعًا تهدئته: جلالتك تريّث قليلًا, فمخترعو هذه اللعبة لم يشرِّعوا بعدُ قانونًا للخيانة.

 

الديباجة:

قاصّ يحلم بحركة المكان أكثر من حركة الزمان, لذلك نفض يده من عالم البشر باتجاه عالم الرقعة, وهذا الاتجاه اتجاه علمي يجمّد عند الإنسان الإحساس, ويجعل التماثل بين شخصيات الرقعة الشطرنجيةوالشخصيات البشريةكالاختلاف بين الشخصيات البشرية والشخصيات الريبوتية, فهي محكومة بعاملين أساسيين متناقضين, العالم البشري محكوم بالحس , والعالم الريبوتي محكوم بالمنطق,

الثاني لا يعرف الضحك ولا المجازية اللغوية ولا الجماليات ولا الأذواق ولا الأحاسيس الأخرى المتعلقة بالحس الإنساني, فهو يستخدم الحواس كمجسّات للعقل فقط لدراسة المنطق الدلالي .

ومن هذا المنطلق, اتكأ القاص على أمور كارثية يفعلها الإنسان ولا يمرّ بها المخلوق الريبوتي لأنها غير منطقية, الخيانة, يريد القاص بهذا الإيحاء أن يشير إلى إنسان هذا العصر الذي سوّلت له نفسه خيانة أرضه من أجل مكسب مادي أو معنوي, وهو جانب سياسي مقيت.

التحليل الإيحائي:

الدلالة الأولى: غشارة واثقة للفرق بين الإنسان واللا إنسان, أي بين البشر والالكتروني, فهنا يميّز القاص التفويض العالي للمنطق, بجهله جهلًا تامًا للأمور التي تخالف الحقائق العلمية, والخيانة حقيقة حسية, يرفضها العقل والمنطق.

الدلالة الثانية: جعلت الملك ينفر من قرار الجندي, وهذا توظيف حسّي يُراد به التوظيف التأكيدي للدلالة الأولى بأن أصحاب العقل المنطقي لا يقرّون أخطاء أصحاب العقل الحسي, وهم يفتخرون بأنهم أكثر رقيًّا من البشر الذين يمارسون الخيانة بكل أشكالها.

التحليل النقدي الذرائعي:  

·      المستوى السيكولوجي:

يتكئ الكاتب على نفور نفسي عميق من فعل الإنسان القبيح, فيقارنه بحجر خالٍ من الإحساس, ويعطي الحجر التفوّق والرقي عند المقارنة, لأن هذا الحجر يفعل فعل الإنسان , ولكنه غير متماثل معه بالإحساس السلبي, فالجندي البشري يخونو وجندي الشطرنج لا يخون, وهذه مقارنة منصفة تحط من قدر بشرية الخائن, فهو لا يستحق الإحساس الذي يحمله.

·      المستوى الأخلاقي:

يكتب هذا الكاتب بحالة أخلاقية متفوّقة, ولو أنه يميل بها نحو النقد السياسي للوضع العام العربي والعالمي الذي انتشرت به الخيانة من أجل الهيمنة والاستعمار أو البحث عن المناصب.

·      المستوى المتحرك:

1-    العنوان: عتبة راقية لأنها لا تشي بسر الثيمة التي يقصد بها تحريك ذهنية المتلقي وتحفيزه للقراءة, وتشويقه لإيجاد المفتاح الذي يفتح رموز الكاتب المغلقة.

2-    الإسناد والإحالة: رفع القاص المستوى القضوي الإنجازي بإحالة الخيانة للإسناد البشري بنسبة أغرقت البشري ببركة من عار وسواد دائم, وإعطاء تفوّق بتماثل حجري في قطع الشطرنج, فالخيانة ثيمة ينفر منها حتى الحجر, رائحتها النتنة تزكم أنوف البشر وحجر الشطرنج على السواء.

3-    الرمزية: استخدم الكاتب رمزية عالية المستوى, وأغلقها ببوابة حديدية مفتاحها الخيانة, والخيانة قيمة دنيا بمنتهى الدونية والانحطاط.