قراءة في رواية ( الربيع يأتي متأخرًا) بقلم الأديبة سمر الديك
قراءة في رواية (الربيع يأتي متأخرًا)
للأديب الروائي السوري منذر الغزالي
بقلم الأديبة السورية سمر الديك
———-———————
تعتبر من الأعمال المهمة التي صدرت في بداية القرن الحادي والعشرين حيث نجد الكاتب تحدوه نزعته وانحيازه لقضية الربيع العربي إما إلى جانب الإنسان أو السلطة بكل انواعها السياسية والاجتماعية في إطار العادات والتقاليد كما في شخصية (جنان) بطلة القصة وتمسك حبيبها (رياض )بالقيم الأخلاقية الشرقية عموماً والسورية على وجه الخصوص وقد أبدع الروائي الأستاذ منذر في القبض على دفة الأحداث وهو في غيبوبة التغيير حيث خرج بها كمحصلة صراع بين الروح والعقل (رياض، وجنان )وبين الغريزة وتفاعلاتها مع مجتمع يموج بالتغيرات والانقلابات مع التغيير المضطرب القادم مع الربيع العربي كما في شخصية البطل (زياد)الغرائزية
وقد ركزّت الرواية على افرازات الربيع العربي من خلال الأحداث المتتالية المفعمةبمشاعر التغيير وذاكرة خصبة مليئة بالصراعات بين الحياة في ظلّ الثورة ومابعدها فالبطل رياض الذي أحبّ جنان حبّاً عميقاً داس على مشاعره مرغماً احتراماً لمعنى الصداقة وقدسيتها مع صديقه الغرائزي زياد ليثبت الكاتب حقيقة لايمكن تجاوزها أنّ الإنسان واحد في كل زمان ومكان .
والرواية استعرضت فكرتها من خلال ثلاث شخصيات رئيسية (جنان ورياض ورابط الحب بينهما ولقائهما الذي جاء متأخراً كما الربيع العربي حيث مزج الكاتب بتلك الأحداث المصيرية بين روايته في الحب والرواية السياسية -إن صحّ التعبير -وشخصية زياد الغرائزية مما اضطرت جنان للإبتعاد عنه وحبها الكبير لشخصية رياض العقلانية التي تتماشى مع الأعراف والتقاليد …
وقد ظهرت لنا قدرة المؤلف على تحليل نفسيات الشخصيات بشكل دقيق والظروف التي كانت تتحكم بمصائرهم وأقدارهم وتوقهم إلى الحرية والقضاء على التقاليد البالية وهذا يقودنا إلى أنّ المؤلف عاش أحداث روايته كاملة بتفاصيلها الزمانية والمكانية والشخوصية وهو ابن سوريا ومن درعا تحديداً حيث بداية التحرك الثوري ضد الاستبداد والقهر والظلم والعالم العربي يعيش تلك التموجات الربيع العربي وقد تأثّر بتلك الأحداث والحرب العشواء التي التهمت الأخضر واليابس وقضت على البشر والحجر .
وقد جاءت شخصية البطل رياض تحمل أفكاراً اجتماعية وسياسية وتأملاته في الحياة هي شخصية المؤلف .
وهكذا يعكس لنا المؤلف نمط الحياة في المجتمع الشرقي عموماً والمجتمع السوري على وجه الخصوص بكل تناقضاتها الاجتماعية والعقائدية والسياسية والنفسية…جنان أحبت زياد وبسبب اختلاف مزاجهماتركته لتلتقي بعد عشرين سنة بحبيبها رياض بطل الرواية.
وهنا يوجّه المؤلف رسالته على لسان شخصيات رئيسية حمل معظمها رياض بطل الرواية وهذا هو حال الشاب السوري الذي يحمل القيّم الأخلاقية الساميةحتى يدرك أخيراًكماجاء على لسانه (قدرنا أن نحمل الصخرة على أكتافناكي تظلّ سامية هذا انجازنا الوحيد الذي يجب أن نعتزّ به في هذا الزمان الصعب )
وهكذا تنثال الأحداث المتداعية حتى أعماق المعنى لتختزن تلك الرواية في طياتها مواضيع اجتماعية وثقافية وتأملات فلسفية ساميةفي البحث عن معنى الوجود الإنساني الحقيقي
وقد جاء أسلوب الرواية ليمثل رشاقة السرد بجمله المسترسلة في بعض الأحيان إضافة إلى الصور الجميلة المدهشة وعنصر المفاجأة مع التوظيف النسبي لتيار الوعي والذي أدخلنا الراوي من خلاله إلى التفاعل المدهش مع شخوص تلك الرواية
الأدبية سمر الديك
تعليقات
إرسال تعليق