كيالُ الأرَق
كيالُ الأرَق : كريم خلف الغالبي
هَل تَدري كَم أرَقاً يكتالُ مِن أرَقي؟
يومَ اختفى قَمري في غَيهبِ الغَسقِ
ما راعني شفقٌ في ليلةٍ عَبسَت
لكنَّما مُتلفي قد غابَ عَن أُفُقي
آهٍ على مدمعٍ كالسّيلِ منحدراً
تأتي بهِ حسرةٌ من رابعٍ زلقِ
الريحُ عاتيةٌ والشوقُ مجمرةٌ
يََشكو أسى غُربتي في عالمٍ نزقِ
قَد باتَ يؤلمُني في وَحدتي قلقٌ
يَمشي بِلا قدمٍ في زحمةِ الطرقِ
لكنَّ لي مُنيةٌ ما زلتُ أرقبُها
حتّى ولو قَلَقي بحرٌ من القَلقِ
ما همّني غرقٌ في بحرِ مغتربٍ
البعضُ في قشّةٍ ينجو من الغرقِ
ما لِذتُ عن رميةٌ بالطيشِ من سَهمٍ
تأتي بها غفلةٌ مِن بارقِ العُقَقِ
مُرها على ليلةٍ باتَت بلا ثمنٍ
تَلقى بها دَمعةً جَفَّت على وَرقي
غَرباً تُغرّبني والشَرقُ أُمنيَتي
أشكو ومن ولهٍ في خافقِ البَرقِ
مُرها على طَللٍ لو إنّها وقَفَت
تَمضي إلى حَتفِها مَعلولةِ النُطِقِ
ذكرى ولي وقفةٌ للآن مَطلعُها
كالوَشمِ مطليةٌ مِن حُليةِ العُنقِ
يا لائِمي دُلَّني ما عادَ لي أملٌ
هَل يَنجو مُحتَرقٌ في ظلِّ مُحتَرقِ؟
سلها وعن مَرتَعي ما سرّ منشأهُ
من ماءِ مكرمةٍ أم نتنةِ العَرقِ؟
يا لائمي هاتها ما عادَ ينفعُني
صبرٌ على فرقةٍ في مَحفلِ الفُرَقِ
يا ليتَني طائرٌ في أيكِ ناعيةٍ
يَنعى على فَننٍ والدمعُ كالوَدَقِ
يا لائمي هَل أتى مَن باتَ يسألُها
حتّى مَتى حبلُها كالوَهْقِ في العنقِ
بتنا على أملٍ ميعادنا شَرفٌ
لكنما ضوءهُ في آخرِ النَفقِ
مازلتُ أذكرها ريحٌ تُمرجحُني
أشهى اذا يَقيقَت من شحمةِ اليقَقِ*١
تَمشي على نغمٍ لو أنّها لبقت
أعيَت بِها حاذقاً في مَنطقٍ لبقِ
ما مَسّها سَقمٌ لو أنها سوَّرت
في آيةٍ حُصنَها مِن سورةِ الفلقِ
----------------------------------------
*١ يَقَقٌ ويَقِقٌ، بكسر القاف الأُولى: شديد البياض ناصعه... اليَقَقُ: المتناهي في البياض.
*٢ الوَهَقُ : الحبل في أَحد طرفيه أُنشوطةٌ يُطْرح في عنق الدَّابة والإِنسان حتى يؤخَذَ
تعليقات
إرسال تعليق